عن المولد النبوي الشريف....... | نور إنفو

عن المولد النبوي الشريف.......

أحد, 15/09/2024 - 18:08

يتجدد الحديث العيد في اللغة يوم يعود في دورة زمنية معلومة ويحمل ذكرى يفرح الناس لها ويسعدون ؛ تتعدد عناوين الفرح وتتعدد أسباب الغبطة وتختلف من أمة لأخرى ومن مصر لمصر ويظل العيد في كل مكان له صفة جامعة مانعة أن يومه له وقع في النفس ليس لليوم الذي سبقه ولا لليوم الذي يليه. بعض الأعياد يعود كل سنة مرة وتارة يتكرر وبعضها يعود كل بضع سنين ولكل أمة أعيادها و أسباب لكل عيد ؛ فمن الأعياد ما تقتصر الفرحة فيه على الأبعاد الدنيوية كعيد الإستقلال وعيد المرأة والشغيلة وعيد الشجرة وغيرها ومن الأعياد ما تجمع معانيه بين الدين والدنيا ومن الأيام ما هو أسمى وأجل كالتي تستفز في المرء مكامن علاقته بربه وتشده بالخيط الناظم لحياته وموته ويوم يكون بعثه. في هذه الأيام تتجدد ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتجدد معها الحديث والجدل حول شرعية الإحتفال به من عدمها ويزداد الشحن شحنا وتصل الغلواء بالبعض حد التفسيق والتكفير لمن جعلوا منه عيدا يفرحون به ويُحْيون أيامه....فهو عند هؤلاء بدعة وكل بدعة عندهم ضلالة وكل ضلالة تقود عندهم صاحبها للنار وهم وحدهم من يعَرٌِف البدعة ومن يُكيٌِفها ومن يُعطٌِل التكييف ويُحوٌِره حين يتعلق الأمر بغير خصومه تماما كما هو حال أهل السياسة اليوم !!!!! في الثامن والعشرين من نفمبر من كل عام نحتفل بعيد الإستقلال ، نتأمله في كنهه وأبعاده ، نتذكر الذين ماتوا من أجل أن يكون هذا اليوم ونتذكر الذين ضحوا و دفعوا من جهدهم وحريتهم من أجل الخلاص من مستعمر غاصب ونغرس في نفوس صغارنا أن هذا اليوم ليس يوما عاديا بل لحظة فاصلة بين ما سبقه من أيام وما سيجيئ من بعده وأن عليهم واجبا أن لا يفرطوا فيه وأن يصونوا الأرض والعرض والهوية الدينية والثقافية..... نحتفل بعيد الأضحى ونفرح به كثيرا ونختار أحسن ما نملك من ثياب ونتبادل الزيارات والتحايا ، فهذا اليوم من أيام الإسلام فيه دروس عظيمة وعبر وفيه سِيٌَر ملهمة وأحسن القصص لكن الله لم يأمرنا أن نجعله عيدا ولم ينهانا وإنما أمر من استطاع منا لذلك سبيلا أن يتتبع خطى سيدنا إبراهيم عليه السلام وولده وأم ولده هاجر في أيام معدودة ومعلومة...... نحتفل كذلك بيوم الفطر ونجعل من الفطر عيدا وهو يوم نودع فيه عبادة نزلت في القرآن الكريم وَصْفا وتحديدا في التاريخ والأجل وحض الشرع على الإكثار منها خارج الأيام المعدودات ومرد فرحتنا بهذا اليوم أنه بداية لراحة الأبدان من مشقة شهر من الصوم والله يسٌَر على عباده في كل ما أمرهم به ففرض العبادات بيسر وحدٌَ لها وقتا ينتهي معه ما كان بها من مشقة رحمة بالعباد....فلماذا نحتفل بالعيدين ولا نحتفل بالمولد النبوي الشريف ؟ يعود المولد النبوي الشريف كل سنة في تاريخ معلوم ، فهو من حيث اللغة عيد كما هو حال الأضحى وكما هو حال الفطر و الأيام الثلاثة لم يرد نص بأنها أعياد فلا ذكر في القرآن الكريم لكلمة "عيد" إلا في موضع واحد بسورة المائدة حين استجاب عيسى ابن مريم لحوارييه : "قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين...." اختلف الناس في تفسير الآية واختلفوا في تأويلها ولكنها في كل الأحوال لم يرد بها تصريحا أن الأضحى عيد ولا أن الفطر عيد ولا تحتمل تأويلا يشير لما يميز هذين اليومين عن غيرهما من الأيام. المولد النبوي يوم للمسلمين لا شك في ذلك ولا ريب -وهو أيضا يوم للبشرية عامة لأن المولود خاتم أنبياء الله لخلقه ولما تبقى من آماد الدنيا - وللمسلمين أيام أخر والمفاضلة بين الأيام تكون بالمقارنة بين أهمية الأحداث التي حصلت فيها وتأثير تلك الأحداث في نفوس الناس وفي مصائرهم فليس ما حصل في العاشر يوليو مثلا كالذي حصل في الثامن والعشرين من نوفمبر وما يعنيه الثامن من مارس للمرأة ليس كالذي يعنيه لها عيد الشجرة. ...... والمفاضلة بين الأيام تكون قبل ذلك بالرجوع لأهمية الأحداث ذاتها وتصور كيف كان سيكون حال الناس لو أن هذه الأحداث لم تقع... فماذا لو لم يقف سيدنا إبراهيم بعرفة في ذلك اليوم ؟ وماذا لو لم يفْدِ الله ولد إبراهيم بذبح ؟ وماذا لو لم تسْع هاجر بين الصفا والمروة تستطلع سقاية لولدها ؟ ما كان الزمن ليتوقف وما كان الناس ليخسروا غير مناسك

بقلم محمد ولد الراظي